الأربعاء، 16 أغسطس 2017

{ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ }

{ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ }


ليس كل من ثبت تخصيصه كمل تخليصه

ما حيلتي والعجزُ غاية قوّتي...

كان هناك صاحب محل عصير اسكندراني يدعي عم حسن قرر أن يبيع محله في الاسكندرية ليشتري محلات جديدة في ربوع مصر

وذلك بعد أن عرف أن المحلات الموجودة بالجمهورية ذات تربة خصبة مميزة وصالحة للتجارة والبيع حيث ان الشعب المصري عاشق للمشروبات معظم أنواع العصائر والفاكهة وأن اصحاب المحلات يجنون من وراءها الكثير من الأموال  وهكذا بالفعل باع محله الكبير ووضع علي ثمن المحل ميراث ابيه وبعض ما جني من مكاسب طيلة الفترة السابقة من عمرهوسافر إلي بنت المعز القاهرة وهناك اشتري محل جديدثم توجه الي الدلتا وقام باانشاء فروع في عدة محافظات ومدنالدلتا ومدن القناهثم تزكر ان الصعيد الذي تربي وعاش وتعلم فيه ان له حق عليه في فتح فروع في صعيد مصروهكذا بدا يحقق حلمه بين جناحي مصر بحري بما يهوي والصعيد بما يعشق

وتمركز في القاهرة حيث عبق التارخليكون النيل هو قصره وذاك هو اسم مجموعة محلاته قصر النيل وجمع اهله واخواته وابنائه واصحابهليحققوا ما يحلم ويحققوا لنفسهم دور في اسعاد المواطن المصري في شرب عصير فرش بعد معاناة اليوم والحياةوتم الافتتاح وكل يوم افتتاح

واحب عم حسن ان يجعل محلاته لا تقتصر فقط علي جلب الفاكهةبل قام بشراء قطع من الاراضي ذات الخصوبة العالية في زرع الفاكهة حيث يكون المصدر من مزارعنا

وتم لصق كلمة من مزارعنا اسفل اليافطات التي تزكر اسم المحل قصر النيل


 ولكن بعد مرور فترة قصيرة من الوقت اكتشف ما لم يكن ينتظره أبداحيث وجد عم حسن المسكين أرضه في طنطا مليئة بالأفاعي والثعابين والعقارب وجميع أنواع الزواحف المخيفة، كما أنه وجد أن الارض نفسها غير صالحه للمزارعة نهائياً .
كانت المفأجاة قاسية جداً علي عم حسن الذي أصيب بالصدمة تماماً وسط شبح الإفلاس الذي ظهر أمامهوالايصالات الامانة التي كتبها للمزارعين وباقي اقساط الارضيجلس يفكر غير قادر علي إستيعاب الموقفثم سأل نفسه
هل من الممكن أن أتغلب علي هذه المشكلة ؟


أم أنها نهاية الطريق وليس أمامي سوي الاستسلامثم قفز إلي رأسه سؤال آخر
 تري ما الاستفادة التي يمكن أن أجنيها من الأرض بوضعها الحالي 
وهنا فكر عم حسن فكرة عبقرية مستغلاً الموقف والمتاح أمامه أفضل استغلال، قال  في نفسه ” حسناً يمكنني أن استفيد بما في الارض من ثعابين وأفاعي لأستخرج الأمصال واللقاحات المضادة لسموم الثعابين
 عاد الي اخواته واصحابه وابناه ودرس كيفية الاستفادة من سموم الافاعي وتحويلها إلي امصال طبيعية، كما درس كيفية تسويق وتوزيع الانتاج المنتظر منها .


وبعد ذلك عاد من جديد إلي الفرع الرئيس في محله بالقاهرة محملاً بالعلم والحماس الذي ساعده في تحويل فكرته إلي واقع وهكذا عدل مسار مشروعه من ارض زراعية إلي مشروع صناعي ضخم لاستخلاص الامصال الطبيعية .. وأصبحت بعد ذلك هذه الارض من أكبر الاراضي المنتجة للقاحات والأمصال علي مستوي العالم .فاصبح عم حسن صياد افاعياسد مخيف لكل من تسول له نفسه ان يغدر به ويعطيه ارض لا تصلحواصبح مشروب قصر النيل المشروب الرسمي لقطاع عريض لشعب المحروسة من الاسكندرية الي الشلالات


خلاصة ما سطرت

فالله لا يخذل انما يوجل حلول رحمته لوقت يعلمه ولا نعلمه

الجمعة، 21 يوليو 2017

نسمات اداب في رحيق الطلة اللهم شفاء ليس بعده سقم

الشناوي 
اشهد الله بل الله اشهد اني احبك لله وبالله وفي الله


الصداقة نبع من العطاء
رمز للإخوة و الوفاء
و نجم يتلألأ بالسماء
و ما أجملها من صداقة
حين يكون عطرها الحب
و الإخلاص
و ما أروعها عندما تجدهم عند ضعفك سنداً لك
و عند فرحك تشعر بأن الفرح لهم
تتمنى الخير له
و لو كنت حتى لم يحصل لك
تريده أن يبقى جانبك دائماً
و يريد هو ذلك 
و أن لا يكون الدهر حاجزاً بين الأصدقاء
و الصداقة مبنية على الإيثار و على لغز للحياة
لا يعلمه إلا الأصدقاء ، صداقة معلقة بالقلب
و الذاكرة  و الجوارح  فهي شعلة لحنين بأيام قد مضت معاً
و الصداقة الحقيقية هي ما تستمر للنهاية و يستمر معها الوفاء  و العطاء


كانت الطلة الاولي في رحاب عروس المتوسط حيث الملامح المصرية التي تجذبك في معين محبتها من الوهلة الاولي
في ذاك اليوم بضع وثلاثين شخص ودخل علينا بنظرة ثاقبة وبملامح تحمل الجدية والعمل الصارم والحاسم
وعندما نظرت اليه شعرت بالفطرة التي يحملها ذالك الوجه داخل تلك الصرامة 
ومرت الليلة الاولي وكان في صباح اليوم التالي دخول غريب اصبح ذالك الوجه الذي يحمل الرامة والحزم يكسوه لمحمة من ابتسامة كانت ظاهرة مع انه كان يريد ان يخفيها ودار الحوار الاولي بيني وبينه ومنذ ذاك الحين والابتسامة من وجه لا تفارقه
واصبح للكل يبتسم ويضحك حتي صار قادر علي كسر حاجز الخوف بينه وبين اي شخص يحدثه
بل واصبح قادرا علي كسر العادة واصبح ليس مسئول بل اخ وصديق ومقرب للغالبية بل معظم من تواجد في هذا التدريب
ثم توالت بعض المكالمات والزيارات من خلال بعض الاجتماعات وكان بالفعل نعم الاخ والصديق قبل ان يكون المسئول 
ثم كانت رحلة لبنان التي كسرت كل قواعد المحبة والاخوة الشاملة والابتسامة والمداعبة والحب وحلقة الوصل بين الكل 
قمهما تحدثت ومهما سطرت من اقوال لن تستطيع الحروف ان تملك ما املك من مشاعر محبة وصدق واخوة الي اخي الاكبر ابو هنا الشناوي ومن عجيب الامر ان ابنته اسمها هنا وابنتي اسمها هنا 
قررت الكتابة لك بالقلم . فرأيت القلب يكتب قبل القلم . رأيت بك صديق و معلم . و علمت منك خفة الدم . إنسان بكل صدق يقال عنه محترم .
اسال الله تعالي شفاء عاجلا ليس بعده سقم لاحرمنا الله منكم ابدا

الخميس، 20 يوليو 2017

‏من هي ليلى التي تغنى بها السادة الصوفية؟

من هي ليلى التي تغنى بها السادة الصوفية؟ 

يتعجب البعض حين يجدون اسم “ليلى”في قصائد الصوفية، فمن هي ليلى هاته التي تغنى بها الصوفية؟ هل هي إنسية أم جنية؟ هل هي حور العين التي تحدث عنها القرآن ؟ أم عروس الحضرة كما يقال؟ أم هي الروح في أسمى معانيها؟ أم هي شيء آخر لا نعرفه يدركه فقط العارفون بالله الذين كشفت لهم الحجب؟
حينما يتغنى الصوفية بليلى لا نفهم من أقوالهم سوى ذلك الفيض الجارف من المحبة و الوصف البديع للحسن و الجمال و الأخذ الجذاب للأشواق، و لا ندري من هي هذه ليلى التي يتحدثون عنها لأنهم كما يقولون جمعت كل المعاني.
يقول الشيخ أحمد العلوي المستغانمي :”ظهرت بكل لون ماذا يحصي جفن”..،ولا تجلو هذه الحيرة و الدهشة حتى ينغمس المريد في التصوف ويذوق من مشرب القوم ،آنذاك تنحل العقد و تنفك الطلاسم، ويصبح المريد قادرا على فهم كلام المشايخ، فكلهم تحدثوا عن المرأة وتغنوا بليلى.

ووما جاء في “ليلى”،قول محيي الدين بن عربي: سلبت ليلى مني العقل..قلت يا ليلى ارحمي القتلى:كما يقول أحمد العلوي:
دنوت من حي ليلى لما سمعت نداها..يا له من صوت يحلو أود لا يتناهى،رضت عني جذبتني أدخلتني لحماها..آنستني خاطبتني أجلستني بحداها..
والقصائد عديدة تلك التي تتكلم عن حسن ليلى، هذا ما يفهم من ظاهر القول ،ولكن حقيقته تتحدث عن شيء سام، فهذه المرأة معنوية وليست حسية، روحية وليست بدنية، جمعت فيها كل مميزات الحسن والجمال والبهاء والرونق، لا الشيخ بينه وبينها، فهو كنهها، أخذته بالكلية، طورته بدلته وأعطت له سماتها الخاصة بل قتلته وضاء نجمه في سماها. يخاطب الشيخ المريدين الذين يبحثون عن الحسن أن يأخذوا من خلال هذه الكلمات شيئا من نورها.
إنه يريد أن ينقل المريد إلى مرحلة الدخول لحضرة المولى عز وجل، كي يتلقى هذا الفيض الرباني، فيعرف الحقائق والرقائق وتكشف له الحجب النورانية كي يتيه حبا ووجدا في خالقه، فليلى هي الروح التي يدرك بها العارف الذات الإلهية، وهذا ما نلمسه في كل أشعار الصوفية الذين تغنوا بالمرأة وبالضبط بليلى. فتبرز «ليلى» كملهمة لهم فهي شمس المعاني، يصورها تصويرا رائعا بكلام رباني أخاذ يسلب الروح والعقل ويشد الجوارح وينعش القلب، يتواجد له الإنسان تيها وطربا، ويهيم فيه شوقا ووجدا، إنه كلام صادر في حالة سكر وليست حالة صحو، سكر بالله وتيه بالله وطربا بالله،فما شربوا اثما ولا طعموا خمرا،لكن بريق القرب أفنى عقولهم، لذلك فالكلمات ليست كالكلمات والألفاظ ليست هي الألفاظ، إنها تعابير رقيقة من معين المعرفة بالله، فهذا تصوير ينقل من الحس إلى المعنى ، من الشبح إلى الروح.

وهكذا تنتهي الحيرة والدهشة حول ماهية ومكنون “ليلى ” التي تغنى بها الصوفية، لنتأكد من أن «ليلى» هي تلك اللطيفة الربانية التي أودعها الله فينا، وظهرت بشكل واضح في المرأة، باعتبارها كائن لطيف ناعم جميل، خلق الله هذه الروح في أحسن صورة، فلا غرابة أن يتغنى بها أهل الله، فهي حاملة للروح في نقائها وصفائها والروح شيء سام مقدس لا يدرك معناه إلا العارفون الذين سلكوا دروب التربية الروحية ودخلوا حضرة المولى عز وجل، وانتقلوا بأنفسهم من مرحلة النفوس إلى مرحلة الروح إلى مرحلة السر..
فلو استطاع الانسان فهم الروح التي بين جنبيه لعرف خالقه أحسن معرفة فمن ” عرف نفسه عرف ربه” ،فبسلوك مسلك العارفين وفهم أقوالهم ،يتعرف المرء على هذه اللطيفة الربانية والروح السامية…

الجمعة، 24 مارس 2017

في زمان لاح يوم واستتر * طلة علي امس بعيد*




1
متى أَصل؟ لا أعرف.. لا يعرف أحد متى يصل أصلًا.. أو إلى أين يؤدي هذا الطريق.. ما الذي يوجد في نهاية الخط ..
منذ اللحظة الأولى.. منذ صرختنا الأولى في هذه الحياة للآهة الأخيرة والروح تستل كأنها دلو يسحب من بئر.. لا أحد يعرف.. لا نقوى على الحركة.. نحبو.. تتعثَّر خطواتنا..نسقط.. نقف.. نمشي.. نجري.. نهرول.. نركب القطار.. والطائرة.. وصاروخ الفضاء.. ثم نتعثر.. فنسقط..فنحبو.. فلا نقوى على الحركة.. ولا نصل .

كانت جدتي تقول لي: «تاتا تاتا..خطي العتبة.. تاتا تاتا.» أسمع صوتها في أذني.. تصفق.. أستند على لعبة خشبية بثلاث عجلات..أسقط..أنهض.. أفرد ذراعَي جانبي ليساعداني على التوازن.. وأخطو خطوة أخرى ..
أسقط على وجهي.. أنهض على وقع التصفيق.. وأمشي.. ما زلت أمشي .

(٢)

كنت فوق مهرة بيضاء تشق الطريق المعفر بالتراب بينما أنا منهمك في قراءة كتاب فوقها.. أنهي الكتاب.. فأعدل الصفحات المطوية وأعيد قراءتها.. مرة.. مرتين.. ربما عشرة.. تواصل المهرة طريقها وأنا أقرأ فيتسع الطريق.. حتى حين سقطت من فوقها.. وكُسر ذراعي.. جبرته وغطيته بصفحة من كتاب النحو..قطْر الندى وبل الصدى.. شذور الذهب في معرفة كلام العرب.. شرح ابن عقيل.. ألفية ابن مالك.. كنت أفكِر أن اللغة هي الطريق.. هي المفتاح الذي فتح الأبواب..
كم باباً فتحته..؟ لا أعرف..لكني ما زلت أرى مئات الأبواب المغلقة .

(٣)

لسبعة أعوام متتالية كنت أركب الدراجة يوميا.. دراجة زرقاء بلا ملامح خاصة..سوى أنها صغيرة وتشبهني.. أقطع بها الطريق إلى مدرستي الإعدادية والثانوية.. خمسة كيلومترات يوميًا ذهابًا.. ومثلها إيابًا..
أتوقف في الطريق أمام المقابر على حدود البلدة كل يوم.. أمام مقبرة بيضاء لم يكتبوا عليها شيئًا.. فيما اختصوا المقابر المجاورة بالأدعية والآيات القرآنية..
حتى الآن..كلما قدت سيارتي إلى العمل.. في البلدة أو خارجها.. يمر طريقي على مقابر ما..أخفف السرعة.. أتمتم وأتذكر .

(٤)

ثلاث مرات توقفت عن السير.. مرة حين دخلت قدمي بين سلك العجلة الأمامية.. وما زالت آثارها موجودة حتى اليوم.. مرة حين كنت أعبر.. الطريق بالعرض.. بينما تعبر السيارات الطريق بالطول.. فطرنا — أنا والدراجة — في الهواء أمام سيارة مسرِعة قبل أن نسقط على الأرض.. لنجرب طريقة جديدة في السفر.. وطريقا جديدًا مبهراً لم أَره ثانية.. سوى في لمحة واحدة.. وآخر يوم قبل سفري..كنت أقود في الطريق بالعرض.. رغم أنهم حاولوا إقناعي أكثر من مرة أن الجميع يسير بالطول..فجاءت حافلة أجبرتني على السير بمحاذاتها.. وما زلت أسير.. أسيرًا .

(5)

كنت في مدينة بعيدة.. أزورها لأول مرة.. يتكلم أهلها لغة مختلفة.. في يوم السفر.. بعد أن ودعنا البيوت.. والصور المعلقة على الحوائط.. والغربان التي تنعق حولنا.. قاد السائق المخمور السيارة.. فيما يخرج صوت أحمد عدوية من سماعات السيارة مضطربًا.. بعد ساعة واحدة كانت السيارة مقلوبة.. وكل الأمتعة المكومة في الكرسي الخلفي فوقي.. أخرج من النافذة المكسورة.. بينما ما زال عدوية يضغط على مخارج حروفه مجبِرًا الكلام على الخروج..
لا أذكر تحديدًا ما الذي حدث بعدها.. ربما عدنا إلى المدينة المجهولة.. ربما عدنا إلى البيت.. لكنني لم أَعد.. ربما ظللت واقفا هناك.. أتأمل دمي الذي نزف على الأسفلت مكوِنا طريقاً جديدًا.. لمحته.. فرحت به..وسرت فيه .

(٦)

أول أربع أو خمس رحلات بالطائرة كانت إلى مدينة داخلية.. لكن بعد ذلك تعددت الرحلات..كنت أفكر في أن هذا الطيران لو استمر.. دون الهبوط.. ربما نصل .
النظرة الأولى من نافذة الطائرة تدرك معها حجمك الحقيقي.. أنك لا شيء..أن كل هذا العالم مجرد نمل لا يرى بالعين المجردة.. لا أحد..
ماذا لو ابتعدت إذن ؟ ماذا لو نظرت من خارج الكون كله ؟ من أنت ؟ وماذا تريد ؟ في النظرات التالية تنسى ذلك.. لأن الأسئلة المهمة تأتي دائمًا مع النظرة الأولى.. لكن الرغبة في الوصول.. في قطع الطريق.. لا تنطفئ أبدًا .

(٧)

أتمدد على كنبة في البيت.. أمام فيلم «أرض أخرى Another Earth»..منتظرًا تذكرة للسفر إلى كوكب آخر.. أقرأ إعلانًا على الإنترنت.. عن حاجتهم لمتطوعين يقضون ما تبقى من حياتهم في المريخ..
أفكر في الأمر بجدية.. أسأل.. أبحث عن استمارات لأملأها.. أفكر في الوصول..هل تكون الإجابة هناك ؟

(٨)

تتعدد الطرق.. ووسائل السير.. من قارب إلى سفينة.. من مهرة لدراجة.. لسيارة..من قطار إلى حافلة..إلى باص.. إلى ميكروباص.. إلى طائرة.. متنقلًا من بيت إلى بيت..من مدينة إلى مدينة.. من دولة إلى دولة..باحثًا عن إجابة سؤال الوصول..

كقصص حب لا نعرف نهايتها.. ونخشى منها.. كمريضٍ في سرير المرض لا يتحدث عن الغد.. أفتح نافذة البيت الجانبية.. فأرى جنازة مارة.. كلما فتحت النافذة رأيت موتى..أحياء يشيعون ميتًا وهم يهرولون خلف نعشه الذي خذلهم فلم يطر.. وهم يهللون.. وموتى يشيعون حياً عائدًا لتوه من القبر..
كان طريق المقابر هو الوحيد الذي لم أكن أرى نهايته من نافذتي.. لكنه الوحيد الذي أعرف إلى أين ينتهي.. الوحيد الذي أعرف نهايته الحقة.. الوحيد الذي يضمن فيه المسافر أنه سيصل .

أتابع الجنازة بعيني حتى تختفي.. مثل قطرات زيت في مصفاة..فوق نار مشتعلة..مثل قطرات ندى فوق نافذة تتبخر مع ظهور الشمس..لكنني رغم ذلك أتابعهم بعيني.. فربما أصل هذه المرة .